دور الخدمه فى تنميه العشوائيات

ؤتمر دولي عقد في المعهد العالي للخدمة الاجتماعية بالقاهرة برئاسة د. اقبال الأمير

اللي مالوش فقير يشتري له فقير..

هكذا يقول أكثر من 86 استاذ اجتماع عقدوا العزم علي مواجهة الفقر اجتماعيًا في مؤتمر دولي عقد في المعهد العالي للخدمة الاجتماعية بالقاهرة برئاسة د. اقبال الأمير عميد المعهد.

وكشف هؤلاء عن مهازل كثيرة في استغلال الفقر في الحصول علي المنح الأجنبية وترسيخ وجود الكبار والأغنياء واتساع الفجوة بين الطبقات واشباع الحكم الديكتاتوري لوجود فقر سياسي واقتصادي وبيئي واعلامي يتيح الفرصة للأغنياء لأن يتربعوا علي العرش ويديروا أمور الفقراء كما يشاءون.

وحتي صندوق النقد الدولي فإنه أيضًا يساعد الأغنياء ويزيد الفقراء سوءًا عما يتصور البعض وفشلت أيضًا الأمم المتحدة في مواجهة الفقر في العالم وانتهي العقد الاجتماعي الذي حددته دون مواجهة حقيقية للفقر وهذا ما كشفته الاحصاءات الأخيرة لتقرير التنمية البشرية ونتيجة لهذا ارتفعت نسبة الجرائم الأسرية بسبب الفقر وانتشارها في العشوائيات.

فماذا قال خبراء الاجتماع لمواجهة الفقر وحقوق الأسرة المصرية في المجتمع. احتلت مصر المرتبة رقم 111 من بين 117 دولة شملها تقرير التنمية البشرية 2006 التي يشكل الفقر فيها والحرمان جزءاً كبيرًا فيها، وكشفت الدراسات أن نصيب الفرد في مصر أقل من 3 دولارات في اليوم الواحد، وأن 40% من السكان الادني دخلاً يحصلون علي 2.3% فقط من الناتج المحلي الاجمالي لعام 2004، وأن هناك 35% من الشعب المصري يعيشون تحت خط الفقر أي ما يعادل 19 مليونا ويقع الصعيد علي قمة الفقر فيبلغ عدد السكان تحت خط الفقر 56.1% ومن أجل هذا يشكل الفقر في مصر أهمية كبيرة بعد ظهور آلاف العشوائيات وانتشار الجرائم البشعة في تلك المناطق لوجود ثقافة الفقر بها دون وصول الخدمات الاساسية لهم واعتبارهم من المهمشين في مصر.

وفجر الدكتور محمود عودة الخبير الاجتماعي ورئيس لجنة قطاع الخدمة الاجتماعية قنبلة اجتماعية عندما تحدث عن كوميديا اجتماعية لثقافة الفقراء، وقال: إن هؤلاء الفقراء كثرو الانجاب، ويمارسون عادات سيئة في الانفجار السكاني، ولم يشاركوا في الحياة العامة لاعتبارهم مهمشين وليس لهم صوت عال كما أصبح هؤلاء يمثلون وظيفة اقتصادية عند الأغنياء، ويتم استغلال فقرهم من خلال بحث الأغنياء عن عامل يحصل علي أجر رخيص وأن يقبل شروطا قاسية للعمل وقد كشفت منظمة الصحة العالمية أن الفقراء مستودع لقطع الغيار البشرية ووصل عدد بيع الاعضاء لارقام كبيرة حيث وصلت عمليات نقل الكلي إلي 60 ألف عملية سنويًا و20 ألف بيع كبد و10 آلاف بيع قلب وأصبحت سياحة الأغنياء في العالم الثالث مهمة لهم لشراء الاعضاء البشرية، وكشف التقرير الذي صدر 2005 أن 40% من سكان إحدي القري الباكستانية الفقيرة يعيشون بكلية واحدة.

وأضاف د. عودة: أنه بدون الفقراء لما وجدت منظمات المجتمع المدني التي تحصل علي المنح ويسلط عليها الاعلام المرئي يوميًا بلا انقطاع وبدون الفقراء أيضًا لا نحصل علي رموز المجتمع وحصول بعضهم علي المكانة المرموقة ووصول المنافقين والطبالين في هذا المجتمع. وقال عودة إن هناك 53 نوعًا كشفها علماء الاجتماع لتحايل الأغنياء علي الفقراء والسير فوق جثثهم للوصول إلي المكانة والجلوس فوق كراسي رموز المجتمع. ويضيف عودة أن الاغنياء استثمروا ثقافة الفقراء استثماراً ثقافيًا لحل طريق الفن الشعبي مثل شعبان عبدالرحيم وسعد الصغير وغيرهما واصبحوا نجومًا تستفيد منهم الفنادق يوميًا.

أما عن الوظائف السياسية للفقر فهي كبيرة جدًا والتي تتمثل في عزوف الفقراء عن المشاركة السياسية أو عن طريق المشاركة المأجورة من خلال هذا المنهج تحكم الرموز ويصل الاغنياء إلي مجلس الشعب وغيره من المناصب القيادية علي جثث واستغلال الفقراء ولعل أيضًا الهوجة الكبيرة في الاعلام المرئي هي من مصلحة الأغنياء عندما يقوم برنامج بالاتجار بمأساة الفقراء وفضح البنات بأسلوب لا يقبله عقل والقيام بتقديم مواد اعلامية تروج لهذا الاستغلال وأنهي الدكتور عودة بحثه قائلاً: أن جميع السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لا تحد من الفقر ولكن بالعكس تؤدي إلي دعم الفقر واستمرار الافتقار وقال علي رأي المثل »اللي مالوش فقير يشتري له فقير وهكذا يقول الأغنياء«.

أما الدكتورة اقبال السمالوطي عميد المعهد العالي للخدمة الاجتماعية فقالت: إن تزايد مساحة ظاهرة الفقر وتزايد أعداد الفقراء أدي إلي تخلي البنك الدولي عن واحدة من أهم المسلمات الليبرالية مما أدي إلي اتساع دائرة الفقر وأكدت أن دور مهنة الخدمة الاجتماعية في مواجهة الفقر كبير جدًا من خلال وضع معايير ومؤشرات قياس الفقر النسبي، ووضع وتنفيذ برامج تمكين الاسر بمعني تحويل القوة من البيئة إلي افراد الأسرة أنفسهم واكتساب القوة بمزيد من المشاركة في اتخاذ القرار كذلك تنظيم موارد المجتمع وتزايد فرص المشاركة ودعم الحقوق الاجتماعية للمواطنين وتقبلهم للمطالبة بها ودعم وتفعيل مفهوم رأس المال البشري وطالبته بضرورة اتخاذ إجراءات فورية لتفعيل دور الاخصائي الاجتماعي داخل المؤسسات الاجتماعية والمجتمع المدني.

وكشف الدكتور عبدالله التطاوي نائب رئيس جامعة القاهرة أن المدرس المصري يحصل علي أدني مرتب علي مستوي المدرسين في العالم حيث يحصل علي 73 درجة وأن حد فقر المدرس في العالم 75 درجة فماذا ننتظر لتنشئة جيل للمستقبل.

وأضاف أن هناك تخلفا بيئيا لا يوصف يساعد علي انتشار الفقر وهناك أيضًا ملايين البشر المهددون بالفقر وهم العاطلون الذين يزدادون يومًا بعد يوم.

أما د. عبدالرحمن توفيق استاذ الادارة فأوضح بضرورة تغيير اسلوب التعامل مع الفقر والبحث عن وسائل جديدة سهلة لانتشال الفقراء وتدريبهم علي أعمال تساعدهم علي مقاومة الفقر وتقوم هذه الرؤية علي المساندة والاعتراف بالفشل وأن نبحث سويًا اين تذهب أموال التبرعات داخل المؤسسات.

أما الدكتور اسامة رأفت استاذ الاجتماع بآداب المنوفية فأكد في دراسته علي غياب دور الدولة في مواجهة الفقر وأن دورها جاء متقطعًا ولا توجد استراتيجية للحد من الفقر وهذا ايضًا ما ينطبق علي منظمات المجتمع المدني أيضًا.

ويضيف د. إبراهيم عبدالرحمن أستاذ التخطيط الاجتماعي بجامعة الأزهر، أن هناك تناقضا بين ما يقال تعبيرًا عن التعاطف مع أحوال الفقراء وحول ضرورة القضاء علي الفقر من جهة وبين الضعف المزمن للجهود التي تبذل علي أرض الواقع وهذا ما كشفه مؤتمر قمة الألفية الذي انعقد بمقر الأمم المتحدة بنيويورك في سبتمبر 2000 التي وضعت »القضاء علي الفقر المدقع والجوع« علي قمة الأهداف الدولية الإنمائية للألفية الجديدة ورغم ذلك فأن أحوال الفقراء لا تزداد إلا سوءًا حتي أن تقريرها للأمم المتحدة في 2005 قد حذر قادة العالم من أن الوقت ينفذ أمامهم للوفاء بوعدهم لخفض معدلات الفقر في العالم ولعل من المفارقة الغريبة التي كشفها تقرير المعهد الدولي لاقتصاديات التنمية بجامعة الأمم المتحدة أن 2% من أرباب الأسر يمتلكون ما يزيد علي »نصف« الأرصدة الثابتة والمنقولة في العالم، في حين أن »النصف الأفقر من العالم لايمتلك إلا 1% منها وذلك علي استمرار التفاوت الشديد في توزيع الأصول أو في توزيع الدخول سواء بين الدول أو بين مواطني الدولة الواحدة.

ولهذا يجب أن تم توزيع الدخول عن طريق مؤسسات الزكاة ونظام الأوقاف والصدقات من جهة أخري لتوزيع دخل الأسرة الواحدة والأقارب.

وفجرت الدكتورة اقبال الأمير السمالوطي عميد المعهد العالي للخدمة الاجتماعية كارثة تهدد مصر وهي اعتماد الأسر في منطقتي عزبة النخل والمرج علي تسول ابنائهم التلاميذ وأن هذه المنطقة من المنتظر أن تصبح امبابة جديدة وتكون مصدرًا للارهاب في المرحلة القادمة.

وقد انتشرت الجرائم الأسرية في العشوائيات بدرجة تدعو للقلق وأن 46% من الجرائم الأسرية تقع في المناطق العشوائية ومن أجل ذلك حددت في دراستها طرقا جديد للبحث عن الأسر الفقيرة الأولي بالرعاية والاتصال بالمسئولين في وزارة التضامن الاجتماعي والوحدات المحلية وادارات الجمعيات الأهلية والمساجد والكنائس لتحديد حاجات الأسر الفقيرة والبحث عن عمل لهذه الأسر لمواجهة البطالة.

وحول رعاية المطلقات والأرامل بالمجتمعات العمرانية الجديدة يقول د. سلامة منصور محمد استاذ الاجتماع بالمعهد أن البحث عن عمل للمطلقات والأرامل يحل كثيرًا من المشاكل الأسرية ويساعد الأرملة علي مواجهة الحياة وطالب بسرعة تغيير بعض القوانين لاجبار الازواج علي دفع نفقة الأسرة التي انفصل عنها الزوج وأن يتم سماع دعوي المطلقة عرفيًا بدون شهادة رسمية حيث أن ذلك يمنع كثيرًا من المشاكل التي تواجه المرأة ويضيف د. حمدي عبدالحارث وكيل خدمة اجتماعية اسوان: انه يجب أن يتم الحد من الانفجار السكاني وضرورة تنظيم الأسرة في المجتمعات الفقيرة. وانتهي المؤتمر الي تشكيل لجنة من خبراء الاجتماع في جميع كليات ومعاهد الخدمة الاجتماعية لمواجهة الفقر وتحديد بيانات عن العشوائيات وإنشاء قاعدة بيانات في جميع المراكز والمحافظات لتسهيل عمل اللجان التطوعية وتحديد الأسر الأولي بالرعاية لانقاذ ما يمكن انقاذه