بحث بعنوان التضامن الاجتماعى
المعهد العالى للخدمه الاجتماعيه بقنا :: المعهد العالى للخدمه الاجتماعيه بقنا :: المعهد العالى للخده الاجتماعيه بقنا
صفحة 1 من اصل 1
بحث بعنوان التضامن الاجتماعى
مقدمة
المبحث الأول : مفهوم مذهب التضامن الإجتماعي .
المطلب الأول : مضمون مذهب التضامن الإجتماعي .
المطلب الثاني : عوامل التضامن الإجتماعي .
المطلب الثالث : الأسس التي يقوم عليها هذا المذهب .
المبحث الثاني : تقييم مذهب التضامن الإجتماعي .
المطلب الأول : مزايا مذهب التضامن الإجتماعي .
المطلب الثاني : عيوب مذهب التضامن الإجتماعي .
خاتمة
مقدمة :
لقد وجدت الفلسفة الواقعية - منذ القرن التاسع عشر - صدا واسعا وحاولت أن
تخضع لنهجها كل معرفة إنسانية ،فهي فلسفة لا تؤمن إلا بالواقع الملموس
المحسوس الذي تسجله الملاحظة وتؤديه التجربة فكل معرفة عندها لا تقوم على
الواقع ولا تؤكدها مشاهدة أو تجربة هي معرفة حدسية لا يقينية ،وبهذا زعزعت
الفلسفة المثالية التي كانت سائدة آنذاك ،وحاولت فرض منهجها ونظرتها غير
مقتصرة على مجال محدد بل كنهج فكري بديل ولقد تسللت أفكار هذه الفلسفة إلى
القانون ونفذت إلى قلاعه وحصونه التي سيطرت عليها النظرة المثالية ...
فتفرع عن هذه الدراسات مذهبان هما : المذهب التاريخي – وقد سبق تناوله – ومذهب التضامن الإجتماعي وهو موضوع البحث .
فما هو مضمون هذا المذهب ؟ وكيف قيم هذا المذهب ؟
المبحث الأول : مفهوم مذهب التضامن الاجتماعي .
المطلب الأول : مضمون مذهب التضامن الاجتماعي .
لقد اهتم الفقيه ((ديجي)) عالم الفقه الفرنسي بمسائل علم الإجتماع القانوني
. و كتب مجموعة من الكتب في هذا الصدد منها كتاب الدولة 1901 ،القانون
الإجتماعي 1911 ،السيادة و الحرية 1922 .....
و سعي ((ديجي)) إلى ربط القانون بالتضامن الإجتماعي ،إنطلاقا من تعاليم
المحلل الإجتماعي إ . ((دور كايم)) و مكاسب الثورة الفرنسية ليضع المصلحة
الإجتماعية و مبدأ التعاضدية فوق كل إعتبار.
أما مضمون نظرية ((ديجي)) في التضامن الإجتماعي فمحتواها {أن الإنسان قد
عاش في الماضي كما يعيش الآن مع غيره في حياة اجتماعية و المجتمع بالنسبة
إليه يعتبر حقيقة واقعية} .
يقول العميد ((ديجي)): {أن التضامن الإجتماعي هو الذي يجب أن يصمد فوق شدة
الأقوياء و ضعف الضعفاء ، و فوق الفوارق الاجتماعية ، إنه العامل الذي يجمع
بين الطبقتين في ضل دولة واحدة} .
فالإنسان هو من جهة عضو في الجماعة و هو من جهة أخرى له كيان شخصي مستقل عن
المجتمع له حاجته الشخصية و ميولا ته الخاصة التي لا يمكن إشباعها إلا في
ظل مجتمع ، و من هذا المنطلق يرتبط الإنسان بأفراد المجتمع إرتباط تضامن ،
فالتضامن عند ((ديجي)) حقيقة علمية واقعية و ليست مثلا أعلى ميتا فيزيقي ، و
هو الذي يعطي مضمونا ملموسا لفكرة القانون ، فالدولة مجرد جهاز لإدارة
المرافق العامة يتولى تحقيق التضامن الإجتماعي .
و يستشهد ديجي بظاهرة التضامن عبر التاريخ كحقيقة و واقع ملموس :
فعند القبائل الرحل كان الناس يجتمعون للدافع عن كيانهم و ظروف حياتهم .
و في نطاق الأسرة نجد التضامن الإجتماعي بصورته الواضحة حيث أن الدوافع
المؤدية إلى ذلك أكثر من مما سبق والمتمثلة في عوامل القرابة والدين
.....وغيرها .
أما في المدن أين التضامن الإجتماعي قائم بين الأسر ذات التقاليد و
الأصول و الأعراف المتحدة .... وفي الأمة التي تمثل الشكل الحديث للجماعة
المتحضرة والتي ترجع إلى عوامل منها وحدة القانون والسلطة واللغة والدين
......الخ
المطلب الثاني : عوامل التضامن الإجتماعي
أما بشأن عوامل التضامن الإجتماعي فهي كثيرة ومتعددة أهمها :
الحاجات والمصالح المشتركة بين الناس والتي لايمكن أن تتحقق إلا من خلال
التضامن والتعاضد ،والحياة المشتركة أو ما يسمى بالتضامن بالتشابه عندما
يجتمع الأفراد لتحقيق رغبات مشتركة بينهم .
أن الناس متميزون ومتفاوتون في حاجاتهم وقدراتهم لتحقيق هذه الحاجات
والمصالح ، ومن ثم فإن تحقيقها لا يتم إلا عن طريق تبادل الخدمات حيث أن
لكل فرد مواهبه الخاصة التي تسمح له بتبادل المنافع المختلفة مع غيره من
أفراد المجتمع أو ما يسمى بالتضامن عن طريق تقسيم العمل .
وبالنسبة لتفسير القانون فيرى ((ديجي)) أنه مادام وجود التضامن الإجتماعي
مسلم به فإنه يصبح من اليسير التحقق من أنه الأساس السليم للقانون إذ أن
المجتمع لا يقوم له أساس إلا على التضامن و التماسك الذي يربط أفراده بعضهم
ببعض ، وينتج عن ذلك ضرورة وجود قاعدة قانونية يسير وفقا لها ومحتواها
{أنه لا يجب عمل أي شيء من شأنه الإضرار بالتضامن الإجتماعي سواء كان
تضامنا بالتشابه أو عن طريق تقسيم العمل } .
يقول (( ديجي )) : {أنه يجب عمل كل ما من شأنه تحقيق تقدم هذا التضامن
الآلي والعضوي ،و أن القانون الوضعي لا يكون شرعيا إلا إذا كان هدفه الذي
يسعى إليه هو تحقيق هذا المبدأ وتقدمه }.
فالقاعدة القانونية من منظور مذهب التضامن الإجتماعي هي التي تنشأ من التضامن الإجتماعي وتتشكل وفقا لما يقتضيه هذا التضامن .
و القاعدة القانونية عند أنصار هذا المذهب تتميز بأنها ثابتة ، ومتغيرة في
تطبيقاتها المختلفة وفقا لتنوع الإنسان و البيئة التي يعيش فيها ، وعلى هذا
الأساس فهي ليست قاعدة مثالية ومطلقة " كما هي عند أنصار مذهب القانون
الطبيعي " .
المطلب الثالث : أسس مذهب التضامن الإجتماعي
ينطلق ((ديجي)) في نظريته من المنهج العلمي الواقعي الذي يعتمد على
المشاهدة والتجربة ،فهو لا يعترف إلا بالحقائق الواقعية التي يمكن ملاحظتها
والتحقق منها أما ما عدا ذلك فيعتبر نوعا من الخيال يقوم على مجرد
الإفتراض وهذا ما أدى بالفقيه ((ديجي)) إلى القول بقيام القاعدة القانونية
على أساس من الواقع التجريبي ،وقد اعتمد على حقائق واقعية إتخذها كأساس
لمذهبه تتمثل في :
أولا : أن الإنسان كائن إجتماعي لا يمكن أن يعيش إلا في مجتمع .
ثانيا : أن الأفراد في المجتمع تربطهم رابطة تعاضد وتضامن ... إذ أن لهم
حاجات مشتركة لايمكن تحقيقها إلا بالحياة المشتركة ،فالأفراد إذن مرتبطون
بنوع من التضامن بالإشتراك أو التشابه في نفس الحاجات أو بنوع من تضامن
تقسيم العمل... ولتحقيق هذا التضامن لابد من تنظيم سلوك الأفراد ،ومن خلال
هذه الحقائق الواقعية المتسلسلة تولد فكرة الأصل أو الحد الإجتماعي وهو
يعني الحد الفاصل بين الأعمال التي يجب القيام بها والأعمال التي يجب
الإمتناع عنها ،فالقانون عند ((ديجي)) ليس من وضع الدولة بل من وضع المجتمع
فالأصل أو القاعدة الإجتماعية تصبح قاعدة قانونية عندما تدرك الجماعة أن
إحترامها ضروري لحفظ التضامن الإجتماعي فالشعور بالتضامن عند ((ديجي)) هو
أساس القاعدة القانونية .
غير أنه فيما بعد تبين له عدم كفاية الشعور بالتضامن الإجتماعي كأساس
للقاعدة القانونية لذلك أضاف إليه أساسا آخر يتمثل في الشعور القائم عند
الأفراد بما هو عدل أو الشعور بالعدالة وليس المثل العليا للعدل أو فكرة
العدل في حد ذاتها ،إذن فالقاعدة القانونية عند ((ديجي)) ليست هي القاعدة
التي توضع وفقا لمثل أعلى كما تذهب إليه فلسفة القانون الطبيعي ولا تلك
القاعدة التي تكفل الدولة قيامها و إحترامها كما تذهب إليه فلسفة القانون
الوضعي {المدارس الشكلية} بل هي القاعدة التي يشعر الأفراد المكونين
للمجتمع أنها ضرورية لحماية التضامن الإجتماعي ومن العدل تسخير قوة الإجبار
في الجماعة لكفالة إحترامها .
المبحث الثاني : تقييم مذهب التضامن الإجتماعي :
المطلب الأول : مزايا مذهب التضامن الإجتماعي :
يمتاز مذهب التضامن الإجتماعي بأنه أظهر الحقائق الواقعية المستندة من الحياة الإجتماعية و أثارها في تكوين القاعدة القانونية .
أعطى للقانون بعد علمي مبني على أساس الملاحظة و التجربة .
المطلب الثاني : عيوب مذهب التضامن الإجتماعي .
إن المنهج الواقعي التجريبي الذي اعتمده ((ديجي)) و إن كان صالحا لدراسة
الظواهر الطبيعية التي تخضع لقانون السببية ،فهو غير صالح لدراسة الظواهر
الإجتماعية التي تتميز بأنها ظواهر إرادية و التي تخضع لقانون الغاية فهي
تتجه نحو تحقيق غاية معينة و أنه لا بد من تدخل الإرادة لتحقيق هذه الغاية
حيث لا يتصور تخلف الإرادة عن تحقيق الغاية المرسومة .
ففي الظواهر الطبيعية يمكن إدراك النتيجة بالمشاهدة و التجربة كلما توفرت
الأسباب اللازمة لذلك في حين أنه في الظواهر الإرادية لا يمكن ذلك إذ أن
إدراك النتيجة يتم وفق إدراك غاية مرسومة و الغاية إنما يتصورها و يستخدمها
العقل خارج دائرة المشاهد و التجربة .
القاعدة القانونية عند ((ديجي)) تقوم على أساس الشعور بالتضامن بين
الأفراد و باعتبار ذلك واقعا ثابتا ..... و هذا ليس بالواقع الوحيد بل ثمة
واقع تجريبي آخر هو التنافس و التنازع بين الأفراد في المجتمع .
لا شك أن ((ديجي)) قد قصد بالتضامن ،التضامن في الخير و العدل كأساس
للقانون دون التضامن في الشر ، إن مثل هذا الإختيار لا يقوم إلا على مبدأ
أو مثل أعلى يستخلصه العقل ،فهو لم يكتفي بتقرير الواقع وفقا لما يقتضيه
منهجه الواقعي التجريبي ، بل يعطي للتضامن قيمة مثالية ، فيأخذ به في الخير
دون الشر و هذا تعارض واضح مع منهجه .
إنكاره فكرة الشخصية القانونية للدولة إذ أن الدولة عند أصحاب هذا المذهب
ظاهرة إجتماعية تظهر للوجود بانقسام الأفراد إلى حكام و محكومين و أن منح
الدولة وصف الشخصية المعنوية مجرد افتراض لا أساس له .
إن العدل كأساس للقانون و الذي يختلف في مفهومه عن فكرة العدل ذاتها
كفكرة مثالية مجردة أو كمثل أعلى قائم بذاته ،و الذي جعل منه أساسا للقانون
يتحقق وجوده بمجرد شعور شخصي لدى الأفراد في المجتمع و هذا من شأنه أن
يؤدي إلى تحكيم الأهواء الشخصية و العقائد و النزاعات الفردية ، في حين أن
القانون يجب أن يستند إلى حقائق موضوعية بعيدة عن النزاعات و الأهواء
الشخصية .
خاتمة :
إن نظرية التضامن الإجتماعي تقرر حقيقة واقعية وترجع قيام النظام الإجتماعي
كله على هذه الحقيقة وحدها ،وهي بذلك تقصي الحقائق الأخرى التي يقوم عليها
المجتمع فهناك التنافس والصراع ... وهما لا يقلان تأثيرا على المجتمع من
التضامن الإجتماعي ،ومع ذلك فهناك من يرى أن نظرية (( ديجي )) تتفق تماما
مع تطور الأفكار الحديثة وحاجة الجماعات البشرية في تطوراتها الحالية ،فقد
أخذت الدول الحديثة تهتم بتحقيق العدالة الإجتماعية بين والجماعات وتخرج عن
نطاق المبدأ الفردي الذي كان سائدا لفترة من الزمن .
التوثيق
المراجع المعتمدة :
خروع أحمد ،المناهج العلمية وفلسفة القانون ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الطبعة الثانية، الجزائر،2004.
فضلي إدريس ،مدخل إلى المنهجية وفلسفة القانون ، ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ، 2004.
المبحث الأول : مفهوم مذهب التضامن الإجتماعي .
المطلب الأول : مضمون مذهب التضامن الإجتماعي .
المطلب الثاني : عوامل التضامن الإجتماعي .
المطلب الثالث : الأسس التي يقوم عليها هذا المذهب .
المبحث الثاني : تقييم مذهب التضامن الإجتماعي .
المطلب الأول : مزايا مذهب التضامن الإجتماعي .
المطلب الثاني : عيوب مذهب التضامن الإجتماعي .
خاتمة
مقدمة :
لقد وجدت الفلسفة الواقعية - منذ القرن التاسع عشر - صدا واسعا وحاولت أن
تخضع لنهجها كل معرفة إنسانية ،فهي فلسفة لا تؤمن إلا بالواقع الملموس
المحسوس الذي تسجله الملاحظة وتؤديه التجربة فكل معرفة عندها لا تقوم على
الواقع ولا تؤكدها مشاهدة أو تجربة هي معرفة حدسية لا يقينية ،وبهذا زعزعت
الفلسفة المثالية التي كانت سائدة آنذاك ،وحاولت فرض منهجها ونظرتها غير
مقتصرة على مجال محدد بل كنهج فكري بديل ولقد تسللت أفكار هذه الفلسفة إلى
القانون ونفذت إلى قلاعه وحصونه التي سيطرت عليها النظرة المثالية ...
فتفرع عن هذه الدراسات مذهبان هما : المذهب التاريخي – وقد سبق تناوله – ومذهب التضامن الإجتماعي وهو موضوع البحث .
فما هو مضمون هذا المذهب ؟ وكيف قيم هذا المذهب ؟
المبحث الأول : مفهوم مذهب التضامن الاجتماعي .
المطلب الأول : مضمون مذهب التضامن الاجتماعي .
لقد اهتم الفقيه ((ديجي)) عالم الفقه الفرنسي بمسائل علم الإجتماع القانوني
. و كتب مجموعة من الكتب في هذا الصدد منها كتاب الدولة 1901 ،القانون
الإجتماعي 1911 ،السيادة و الحرية 1922 .....
و سعي ((ديجي)) إلى ربط القانون بالتضامن الإجتماعي ،إنطلاقا من تعاليم
المحلل الإجتماعي إ . ((دور كايم)) و مكاسب الثورة الفرنسية ليضع المصلحة
الإجتماعية و مبدأ التعاضدية فوق كل إعتبار.
أما مضمون نظرية ((ديجي)) في التضامن الإجتماعي فمحتواها {أن الإنسان قد
عاش في الماضي كما يعيش الآن مع غيره في حياة اجتماعية و المجتمع بالنسبة
إليه يعتبر حقيقة واقعية} .
يقول العميد ((ديجي)): {أن التضامن الإجتماعي هو الذي يجب أن يصمد فوق شدة
الأقوياء و ضعف الضعفاء ، و فوق الفوارق الاجتماعية ، إنه العامل الذي يجمع
بين الطبقتين في ضل دولة واحدة} .
فالإنسان هو من جهة عضو في الجماعة و هو من جهة أخرى له كيان شخصي مستقل عن
المجتمع له حاجته الشخصية و ميولا ته الخاصة التي لا يمكن إشباعها إلا في
ظل مجتمع ، و من هذا المنطلق يرتبط الإنسان بأفراد المجتمع إرتباط تضامن ،
فالتضامن عند ((ديجي)) حقيقة علمية واقعية و ليست مثلا أعلى ميتا فيزيقي ، و
هو الذي يعطي مضمونا ملموسا لفكرة القانون ، فالدولة مجرد جهاز لإدارة
المرافق العامة يتولى تحقيق التضامن الإجتماعي .
و يستشهد ديجي بظاهرة التضامن عبر التاريخ كحقيقة و واقع ملموس :
فعند القبائل الرحل كان الناس يجتمعون للدافع عن كيانهم و ظروف حياتهم .
و في نطاق الأسرة نجد التضامن الإجتماعي بصورته الواضحة حيث أن الدوافع
المؤدية إلى ذلك أكثر من مما سبق والمتمثلة في عوامل القرابة والدين
.....وغيرها .
أما في المدن أين التضامن الإجتماعي قائم بين الأسر ذات التقاليد و
الأصول و الأعراف المتحدة .... وفي الأمة التي تمثل الشكل الحديث للجماعة
المتحضرة والتي ترجع إلى عوامل منها وحدة القانون والسلطة واللغة والدين
......الخ
المطلب الثاني : عوامل التضامن الإجتماعي
أما بشأن عوامل التضامن الإجتماعي فهي كثيرة ومتعددة أهمها :
الحاجات والمصالح المشتركة بين الناس والتي لايمكن أن تتحقق إلا من خلال
التضامن والتعاضد ،والحياة المشتركة أو ما يسمى بالتضامن بالتشابه عندما
يجتمع الأفراد لتحقيق رغبات مشتركة بينهم .
أن الناس متميزون ومتفاوتون في حاجاتهم وقدراتهم لتحقيق هذه الحاجات
والمصالح ، ومن ثم فإن تحقيقها لا يتم إلا عن طريق تبادل الخدمات حيث أن
لكل فرد مواهبه الخاصة التي تسمح له بتبادل المنافع المختلفة مع غيره من
أفراد المجتمع أو ما يسمى بالتضامن عن طريق تقسيم العمل .
وبالنسبة لتفسير القانون فيرى ((ديجي)) أنه مادام وجود التضامن الإجتماعي
مسلم به فإنه يصبح من اليسير التحقق من أنه الأساس السليم للقانون إذ أن
المجتمع لا يقوم له أساس إلا على التضامن و التماسك الذي يربط أفراده بعضهم
ببعض ، وينتج عن ذلك ضرورة وجود قاعدة قانونية يسير وفقا لها ومحتواها
{أنه لا يجب عمل أي شيء من شأنه الإضرار بالتضامن الإجتماعي سواء كان
تضامنا بالتشابه أو عن طريق تقسيم العمل } .
يقول (( ديجي )) : {أنه يجب عمل كل ما من شأنه تحقيق تقدم هذا التضامن
الآلي والعضوي ،و أن القانون الوضعي لا يكون شرعيا إلا إذا كان هدفه الذي
يسعى إليه هو تحقيق هذا المبدأ وتقدمه }.
فالقاعدة القانونية من منظور مذهب التضامن الإجتماعي هي التي تنشأ من التضامن الإجتماعي وتتشكل وفقا لما يقتضيه هذا التضامن .
و القاعدة القانونية عند أنصار هذا المذهب تتميز بأنها ثابتة ، ومتغيرة في
تطبيقاتها المختلفة وفقا لتنوع الإنسان و البيئة التي يعيش فيها ، وعلى هذا
الأساس فهي ليست قاعدة مثالية ومطلقة " كما هي عند أنصار مذهب القانون
الطبيعي " .
المطلب الثالث : أسس مذهب التضامن الإجتماعي
ينطلق ((ديجي)) في نظريته من المنهج العلمي الواقعي الذي يعتمد على
المشاهدة والتجربة ،فهو لا يعترف إلا بالحقائق الواقعية التي يمكن ملاحظتها
والتحقق منها أما ما عدا ذلك فيعتبر نوعا من الخيال يقوم على مجرد
الإفتراض وهذا ما أدى بالفقيه ((ديجي)) إلى القول بقيام القاعدة القانونية
على أساس من الواقع التجريبي ،وقد اعتمد على حقائق واقعية إتخذها كأساس
لمذهبه تتمثل في :
أولا : أن الإنسان كائن إجتماعي لا يمكن أن يعيش إلا في مجتمع .
ثانيا : أن الأفراد في المجتمع تربطهم رابطة تعاضد وتضامن ... إذ أن لهم
حاجات مشتركة لايمكن تحقيقها إلا بالحياة المشتركة ،فالأفراد إذن مرتبطون
بنوع من التضامن بالإشتراك أو التشابه في نفس الحاجات أو بنوع من تضامن
تقسيم العمل... ولتحقيق هذا التضامن لابد من تنظيم سلوك الأفراد ،ومن خلال
هذه الحقائق الواقعية المتسلسلة تولد فكرة الأصل أو الحد الإجتماعي وهو
يعني الحد الفاصل بين الأعمال التي يجب القيام بها والأعمال التي يجب
الإمتناع عنها ،فالقانون عند ((ديجي)) ليس من وضع الدولة بل من وضع المجتمع
فالأصل أو القاعدة الإجتماعية تصبح قاعدة قانونية عندما تدرك الجماعة أن
إحترامها ضروري لحفظ التضامن الإجتماعي فالشعور بالتضامن عند ((ديجي)) هو
أساس القاعدة القانونية .
غير أنه فيما بعد تبين له عدم كفاية الشعور بالتضامن الإجتماعي كأساس
للقاعدة القانونية لذلك أضاف إليه أساسا آخر يتمثل في الشعور القائم عند
الأفراد بما هو عدل أو الشعور بالعدالة وليس المثل العليا للعدل أو فكرة
العدل في حد ذاتها ،إذن فالقاعدة القانونية عند ((ديجي)) ليست هي القاعدة
التي توضع وفقا لمثل أعلى كما تذهب إليه فلسفة القانون الطبيعي ولا تلك
القاعدة التي تكفل الدولة قيامها و إحترامها كما تذهب إليه فلسفة القانون
الوضعي {المدارس الشكلية} بل هي القاعدة التي يشعر الأفراد المكونين
للمجتمع أنها ضرورية لحماية التضامن الإجتماعي ومن العدل تسخير قوة الإجبار
في الجماعة لكفالة إحترامها .
المبحث الثاني : تقييم مذهب التضامن الإجتماعي :
المطلب الأول : مزايا مذهب التضامن الإجتماعي :
يمتاز مذهب التضامن الإجتماعي بأنه أظهر الحقائق الواقعية المستندة من الحياة الإجتماعية و أثارها في تكوين القاعدة القانونية .
أعطى للقانون بعد علمي مبني على أساس الملاحظة و التجربة .
المطلب الثاني : عيوب مذهب التضامن الإجتماعي .
إن المنهج الواقعي التجريبي الذي اعتمده ((ديجي)) و إن كان صالحا لدراسة
الظواهر الطبيعية التي تخضع لقانون السببية ،فهو غير صالح لدراسة الظواهر
الإجتماعية التي تتميز بأنها ظواهر إرادية و التي تخضع لقانون الغاية فهي
تتجه نحو تحقيق غاية معينة و أنه لا بد من تدخل الإرادة لتحقيق هذه الغاية
حيث لا يتصور تخلف الإرادة عن تحقيق الغاية المرسومة .
ففي الظواهر الطبيعية يمكن إدراك النتيجة بالمشاهدة و التجربة كلما توفرت
الأسباب اللازمة لذلك في حين أنه في الظواهر الإرادية لا يمكن ذلك إذ أن
إدراك النتيجة يتم وفق إدراك غاية مرسومة و الغاية إنما يتصورها و يستخدمها
العقل خارج دائرة المشاهد و التجربة .
القاعدة القانونية عند ((ديجي)) تقوم على أساس الشعور بالتضامن بين
الأفراد و باعتبار ذلك واقعا ثابتا ..... و هذا ليس بالواقع الوحيد بل ثمة
واقع تجريبي آخر هو التنافس و التنازع بين الأفراد في المجتمع .
لا شك أن ((ديجي)) قد قصد بالتضامن ،التضامن في الخير و العدل كأساس
للقانون دون التضامن في الشر ، إن مثل هذا الإختيار لا يقوم إلا على مبدأ
أو مثل أعلى يستخلصه العقل ،فهو لم يكتفي بتقرير الواقع وفقا لما يقتضيه
منهجه الواقعي التجريبي ، بل يعطي للتضامن قيمة مثالية ، فيأخذ به في الخير
دون الشر و هذا تعارض واضح مع منهجه .
إنكاره فكرة الشخصية القانونية للدولة إذ أن الدولة عند أصحاب هذا المذهب
ظاهرة إجتماعية تظهر للوجود بانقسام الأفراد إلى حكام و محكومين و أن منح
الدولة وصف الشخصية المعنوية مجرد افتراض لا أساس له .
إن العدل كأساس للقانون و الذي يختلف في مفهومه عن فكرة العدل ذاتها
كفكرة مثالية مجردة أو كمثل أعلى قائم بذاته ،و الذي جعل منه أساسا للقانون
يتحقق وجوده بمجرد شعور شخصي لدى الأفراد في المجتمع و هذا من شأنه أن
يؤدي إلى تحكيم الأهواء الشخصية و العقائد و النزاعات الفردية ، في حين أن
القانون يجب أن يستند إلى حقائق موضوعية بعيدة عن النزاعات و الأهواء
الشخصية .
خاتمة :
إن نظرية التضامن الإجتماعي تقرر حقيقة واقعية وترجع قيام النظام الإجتماعي
كله على هذه الحقيقة وحدها ،وهي بذلك تقصي الحقائق الأخرى التي يقوم عليها
المجتمع فهناك التنافس والصراع ... وهما لا يقلان تأثيرا على المجتمع من
التضامن الإجتماعي ،ومع ذلك فهناك من يرى أن نظرية (( ديجي )) تتفق تماما
مع تطور الأفكار الحديثة وحاجة الجماعات البشرية في تطوراتها الحالية ،فقد
أخذت الدول الحديثة تهتم بتحقيق العدالة الإجتماعية بين والجماعات وتخرج عن
نطاق المبدأ الفردي الذي كان سائدا لفترة من الزمن .
التوثيق
المراجع المعتمدة :
خروع أحمد ،المناهج العلمية وفلسفة القانون ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الطبعة الثانية، الجزائر،2004.
فضلي إدريس ،مدخل إلى المنهجية وفلسفة القانون ، ديوان المطبوعات الجامعية ،الجزائر ، 2004.
مواضيع مماثلة
» دور الاخصائى الاجتماعى فى المجال المدرسى
» دور الاخصائى الاجتماعى فى المجال المدرسى
» بحث بعنوان القيادة
» بحث بعنوان تاهيل المعاقين
» بحث بعنوان خطوات البحث العلمى
» دور الاخصائى الاجتماعى فى المجال المدرسى
» بحث بعنوان القيادة
» بحث بعنوان تاهيل المعاقين
» بحث بعنوان خطوات البحث العلمى
المعهد العالى للخدمه الاجتماعيه بقنا :: المعهد العالى للخدمه الاجتماعيه بقنا :: المعهد العالى للخده الاجتماعيه بقنا
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى